على الرغم من انتشار مرض الصفراء بين الأطفال حديثي الولادة، خاصة في الأيام الأولى عقب ولادتهم مباشرة، وعلى الرغم من انزعاج الأم من ظهور علامات هذا المرض على طفلها، والتي يكون أبرزها تحول لون وجه الطفل إلى اللون الأصفر، إلا أن الأطباء يطمئنون الأمهات بأن العلاج أصبح يسيرا وسريعا ومؤكدا.
«الشرق الأوسط» التقت الدكتور أحمد السعيد يونس استشاري طب الأطفال الذي يعرف مرض الصفراء بأن «الصفراء هو المرض الذي تتجمع فيه المادة الصفراء في الحويصلة المرارية، لتكون موجودة بنسبة أكبر من اللازم، ونستطيع أن نراها اكثر في عين الطفل وفي بعض مناطق الجلد نتيجة تكسير كريات الدم الحمراء، وتنقسم إلى قسمين: الأول فيه الجديد، ونوع ثان يخزنها في المرارة لحين عملية الأكل. أنواع المرض وفي الحالة المرضية توجد الصفراء بنسبة عالية بحيث تظهر في الجلد وفي العين على ثلاثة أنواع، الأول إذا كثرت المادة في الجسم ولم يستطع الجسم سحبها ليوصلها إلى المرارة، والثاني أن يكون هناك خلل في الكبد نفسه، والثالث أن يكون هناك انسداد في القناة المرارية. والسبب في النوع الأول هو كثرة إنتاج المادة الصفراء ويظهر في حالتين: الأول «الفسيولوجي» عند الطفل الرضيع، ويمكن أن تصيب الطفل وهو جنين في بطن أمه، فهو في هذه الحالة لا يتنفس، ولذلك نجد أن جسمها يحتوي على نسبة اكبر من كريات الدم الحمراء يبلغ عددها من سبعة إلى ثمانية ملايين وحدة. ولكن عندما يولد فإنه لا يكون محتاجا لهذا العدد الكبير، ولكنه محتاج فقط إلى ما لا يزيد عن خمسة ملايين وحدة، وبالتالي فالمفروض أن ينكسر الباقي ويذهب إلى الكبد. ولأن المادة الصفراء هي مادة سامة على المخ، لذلك فإنه لو زادت النسبة بشكل كبير، فإنه لا يكون أمامنا كأطباء إلا أن نطردها بسرعة قبل ذهابها إلى المخ، وذلك عن طريق وضع الطفل في جهاز مخصص لذلك، عن طريق العلاج الضوئي لمرض الصفراء. أما إذا زادت النسبة، فيجب إعطاء الطفل دم جديد فورا، وينصح الدكتور أحمد السعيد يونس بألا يستهين الآباء بمرض الصفراء، بأن يضعوا أطفالهم أمام مصباح «فلورسنت» ابيض في المنزل، ويذكر أنه في هذه الحالة، فإن الطفل يكون محتاجا لأشعة نور 17 مصباحا من هذا النوع في شكل دائري ويوضع الطفل في مركز هذه الدائرة. أما السبب الثاني لظهور مرض الصفراء على الطفل، فهو وجدود خلل في أنزيمات الكبد أو انسداد المرارة، وفي هذه الحالة يتحول لون جلد الطفل إلى اللون الأخضر (الزيتوني)، وعندها على الأم أن تسرع بالذهاب إلى الطبيب. وهناك سبب آخر يذكره دكتور أحمد السعيد يونس، وهو أن يصاب الطفل بالاصفرار في حالة اختلاف فصيلة الأم عن فصيلة الأب، أو أن يكون دم الأم فيه أكاسيد مضادة تهاجم كريات الدم الحمراء وتكسرها، وهو ما يحتاج أيضا إلى علاج ضوئي. وأيضا هناك سبب آخر لمرض الصفراء هو تلوث الحبل السري بالملوثات كنتيجة لاتمام عملية الولادة في مكان لا يتمتع بالنظافة الكافية. أما السبب الأطرف كما يقول دكتور يونس فهو «تحسن مستوى معيشة الأم» واهتمامها بغذائها، مما يزيد عدد كريات الدم الحمراء لدى أطفالهن أثناء الحمل، وهو ما لا يستطيع الجسم تكسيرها فيحدث مرض الصفراء. ويطالب دكتور يونس إذا كانت الأم فصيلة دمها مختلفة عن الزوج، وتحمل «R.H» سالب، فهذا معناه وجود خطر يهدد طفلها وعلى الأخص الطفل الثاني والثالث والرابع، وعليها ان تحصل على حقنة واحدة تحل المشكلة. والصفراء التي تظهر على الطفل في اليوم الأول لمولده، هي الأشد خطرا عليه، لكن في حالة ظهورها في اليوم الثاني أو الثالث لمولده فهي صفراء عادية، لا تقلق الطبيب ولا الأم، بوصفها صفراء طبيعية فسيولوجية، ولكن على الطبيب الا يغفل القياس المستمر لنسبة الصفراء في جسم الطفل، والتأكد من انحسارها يوما بعد آخر. الأم والتغذية وللأم دور أثناء مرض طفلها بالصفراء يحدده د. يونس في مراقبة طفلها في الأيام الأربعة الأولى للمرض، وعليها مهمة تنظيف «السرة» جيدا، وملاحظة لون عينيه وجلده، وعليها ان تعرف أن الطفل المصاب بالصفراء «رضعته» ضعيفة، وسرته لها رائحة كريهة. وعن التغذية السليمة، والغذاء المتوازن الذي يحتاج إليه الأطفال الأسوياء في مراحلهم الأولى، يقول د. يونس إن الطفل الرضيع لا يأكل في الأشهر الستة الأولى من عمره، وهو يحتاج فقط إلى رضاعة مطلقة ليل نهار. وبدءا من الشهر السادس، تدخل المواد الصلبة في طعامه، ونعطيه مواد غير موجودة في لبن الأم، مثل الحديد والكالسيوم الموجودين في اللبن العادي والزبادي. وبعد ذلك بشهر (الشهر السابع) يمكن ان يتناول المهلبية (العصيدة)، المصنوعة من النشا واللبن المبستر، وبعد ذلك يتناول الجبنة البيضاء والبيض. وعند عمر السبعة أشهر ونصف الشهر يمكن ان نعطي للطفل شربة الخضار بالماء العادي (من دون مرقة). وفي الشهر الثامن يمكن ان نضيف اللحم على غذاء الطفل (اللحم المهروس جيدا بالطبع). ثم في الشهر التاسع يتناول الفاكهة، وفي السنة الأولى من عمره نعطيه ثلاثة أنواع من الفاكهة هي: الموز والكمثرى والتفاح بطريقة يسهل مضغها وابتلاعها وهضمها. وعند عمر سنة يتناول الطفل رضعه في الصباح وأخرى في الظهر وثالثة في المساء إضافة إلى ثلاث وجبات. وعندما يبلغ الطفل عامه الثاني يفطم تماما، على أن نحرص على إعطائه كوبا من اللبن المبستر في الصباح وفي المساء. ويشدد دكتور أحمد السعيد يونس على أهمية الخضراوات الطازجة مثل الطماطم والخيار. وفي رأيه أن الطفل العادي لا يحتاج لأكثر من بيضتين أو 3 بيضات في الأسبوع.