مصر تحتفل بالذكرى الـ 34 لرحيل أم كلثوم
لا تزال تتربع على عرش الغناء العربي
|
صور لمقتنيات متحف أم كلثوم ومن بينها أحذيتها وملابس حفلاتها وقصاصات من الصحف والمجلات التي تحدثت عنها،وصورة لوالدها («الشرق الإوسط») |
|
القاهرة: طه علي
احتفلت وزارة الثقافة المصرية بالذكرى الرابعة والثلاثين لرحيل «كوكب الشرق» أم كلثوم التي لا تزال تتربع بأغانيها على عرش الأغنية العربية.
وتضمن برنامج الاحتفال الذي أقيم بمتحف أم كلثوم على نيل القاهرة أمسية ثقافية مساء أمس الخميس، أهم المحطات في مشوارها الفني وتكريم عازفي فرقة أم كلثوم الموسيقية - ومنهم الدكتور سعيد هيكل، والمايسترو سامي نصير، والمايسترو ميشيل المصري، والفنان عبده قطر، والفنان محمد العربي، والمهندس الإذاعي زكريا عامر. وتضمنت الأمسية عرضا خاصا لأحد التسجيلات النادرة لأم كلثوم وهي في سن الرابعة عشرة من ألحان الشيخ أبو العلا محمد والطبيب الدكتور أحمد صبري النجريدي. وأم كلثوم هو الاسم الفني لفاطمة إبراهيم البلتاجي وهى مطربة اشتهرت في العالم العربي والعالمي في القرن العشرين ولقبت بـ«كوكب الشرق» و«سيدة الغناء العربي». توفيت عن عمر يناهز 71 عاما رغم أن البعض يرجح أن تكون من مواليد 20 ديسمبر 1898، وولدت في محافظة الدقهلية لأبيها إبراهيم البلتاجى، مؤذن قرية طماي الزهايرة بمركز السنبلاوين، وكانت تحفظ وتغني القصائد والتواشيح هي وأخوها خالد إبراهيم البلتاجي، وفي نحو سن العاشرة أصبحت تغني أمام الجمهور في بيت شيخ البلد في قريتها. وعرف عن أم كلثوم شخصيتها القوية واحترامها لنفسها ولفنها فاحترمها الملوك والزعماء كما احترمها عامة الشعب وأحبها الناس في كل مكان وتفردت بمكانة عالية في الفن والمجتمع لم تصل إليها أي مطربة في الشرق. لحن لها أبرع الملحنين وفى مقدمتهم محمد القصبجي، وزكريا أحمد، ورياض السنباطي، وبليغ حمدي، ومحمد عبد الوهاب، ومحمد الموجي. تتزامن هذه الاحتفالية مع معرض يضم أهم مقتنيات أم كلثوم تقيمه وزارة الثقافة بالعاصمة البحرينية المنامة، وهو المعرض الذي انتقل إليها قادما من معهد العالم العربي بباريس، حيث عرض هناك في شهر يونيو الماضي. تجسد مقتنيات المعرض المسيرة الفنية لحياة أم كلثوم على مدار تاريخها وعطائها الفني، وتأثيرها الذي تعدى الحدود منطلقا من القاهرة إلى شتى بقاع العالم كاسرا اختلاف اللغات واللهجات بين الشعوب. صدى هذا التأثير ينعكس في متحف أم كلثوم الذي يضم مقتنياتها على ضفاف النيل، في قصر أثري شهير هو قصر «المانسترلى» الذي افتتح قبل سبع سنوات على مساحة 250 مترا، ويشغل أحد المباني الملحقة بقصر «المانسترلي»، وهى المنطقة المعروفة باسم منطقة المقياس لوجود مقياس النيل الشهير بها، الذي يجذب السياح الأجانب والرواد المصريين. ويعد المتحف عرفانا من وزارة الثقافة المصرية بتلك القيمة الفنية الكبيرة التي أثرت الحياة الفنية والثقافية ليس في مصر وحدها، ولكن في العالم العربي كله. وعنه يقول وزير الثقافة المصري فاروق حسني إنه نظرا للقيمة العميقة التي تمثلها أم كلثوم في حياتنا، فقد عهد إلى بيت خبرة إيطالي بتولي عملية تصميم المتحف منذ البداية في عام 1988، وقام بالتعاون لاحقا مع الخبرة المصرية في أعمال التنفيذ، وفي تلك الأثناء تم تعيين مدير للمتحف، وتم تشكيل لجنة لبحث وتسلم مقتنيات أم كلثوم، وقامت اللجنة بالسفر إلى مسقط رأسها في قريتها في«طماي الزهايرة»، والتقت أقاربها، وعلى رأسهم فردوس الدسوقي، حيث قام الجميع بتوفير الصور والمستندات والنياشين، كما لم يبخل الدكتور محمد حسن الحفناوي ابن زوجها بتقديم كل ما لديه من مقتنيات إلى اللجنة. أضاف حسني أنه سبق ذلك توجيه دعوة إلى جميع المحبين لفن سيدة الغناء العربي في الدول العربية بأن يرسلوا لوزارة الثقافة ما يحملون من مقتنيات لأم كلثوم، وبالفعل حدث تجاوب كبير من الجميع، وأرسل للوزارة الكثيرون إما صورا نادرة لها أو تسجيلات أو أفلاما أو كتابات ومستندات بخطها، كما أهدت مؤسسة أخبار اليوم النيشان الخاص بها الذي كان بحوزتها. ومن بين المقتنيات التي حصلت عليها اللجنة، راديو خاص بها، وجهاز «بي كب وجرامافون» وهذه الموديلات لأجهزة الاستماع كانت تؤرخ لوسائل الاستماع في القرن الماضي، إضافة إلى نوت موسيقية، وتسجيلات نادرة وأفلام، وكذلك خطابات بينها وبين رجالات عصرها من سياسيين وقادة وشخصيات عامة وصور نادرة وأوراق ومذكرات فضلا عن النياشين والأوسمة التي حصلت عليها من الحكومات العربية ووثائق أخرى أسهمت بكل مؤثر في حياتها. ومن بين المقتنيات أيضا ملابسها ونظاراتها الخاصة، وقمنا بجمع كل ما كتب عنها في الصحافة المصرية منذ حضورها إلى القاهرة في عام 1923 حتى تاريخ افتتاح المتحف لتوفير ذلك إلى الباحثين في مجلدات ضخمة توثق لقرن كامل من تاريخ مصر الفني، كما تم الاستعانة بإحدى الشركات الخاصة، حيث تم جمع 6929 مقالا وموضوعا وخبرا صحافيا نشر عن أم كلثوم. وأوضح حسني أنه في الوقت نفسه تم إعداد برنامج خاص تضمن عنوان كل مقال وتاريخ صدوره واسم الصحفية، وكاتبه، وبلغ عدد المجلدات التي جمعت بين طياتها ما نشر عن كوكب الشرق من 1926 حتى عام 2001 (20) مجلدا، بالإضافة إلى المكتبة السمعية والبصرية، التي تضم أغنيات أم كلثوم. وتستهدف المقتنيات إتاحة الفرصة لرواد المتحف أو المهتمين بالتراث الفني لأم كلثوم الرجوع إليه، ولذلك روعي في جمع الأغاني أن تكون الأغنيات لأم كلثوم (أي كتبت ولحنت لها) وليست لمطربين آخرين، وقامت بغنائها سواء في سن مبكرة من عمرها الفني أو مناسبات فنية أو قومية. وقد وصلت محصلة هذه الأغاني إلى 285 أغنية يستفيد منها المتحف في إذاعتها للراغبين، بعد كتابة اسم كل أغنية ونوعها واسم مؤلفها والسنة التي ظهرت فيها. ويضم المتاحف «فتارين» العرض التي تعرض مجوهراتها وأوسمتها وأوراقها الخاصة ومتعلقاتها الشخصية، إضافة إلى أجهزة كومبيوتر يستطيع من خلالها الزائر الاطلاع على كل المعلومات وأغاني أم كلثوم، بجانب قاعة فيديو يذاع من خلالها فيلم تسجيلي عن مشوار أم كلثوم ورحلتها الفنية، إضافة إلى عرض خمسة أجهزة «بريجيكتور» تعرض على شاشة عرضها 15 مترا لقطات تجمع بين أم كلثوم وبين شواهد مصر الأثرية والطبيعية. وتستفيد وزارة الثقافة من المتحف في تنظيم الاحتفالات والمؤتمرات المتخصصة، ومنها محاور بحث علاقة الشعر بالغناء والموسيقى، وأثر الموسيقى على الوجدان العام، ودورها في ترويج اللغة العربية من خلال القصيدة المغناة، وعرض أغانيها في المناسبات الوطنية، واستضافة الفنانين العرب وأقطاب الموسيقيين الشرقيين، وإجراء حوارات معهم، وعقد حلقات دراسية عن الموسيقى العربية. وتقوم إدارة المتحف بتنظيم إقامة المسابقات بين الشباب لاحتضان المواهب الشابة لإثراء مسيرة الغناء الشرقي، والكشف عن هذه المواهب ليس في مصر وحدها ولكن في العالم العربي كله، فضلا عن الاستفادة من مقتنيات المتحف بعرضها في المناسبات القومية المختلفة.