تأثير الإنترنت والتكنولوجيا على العلاقة بين الآباء وأطفالهم؟7/19/2010 7:07:00 PM
بينما كانت، يانسي إم، التي تدرس تطور الأطفال في السن المبكرة، تنتظر المصعد داخل مركز التسوق «فير أوكس» بالقرب من منزلها في ولاية فيرجينيا مؤخرا، شاهدت حادثا مزعجا بين طفل صغير وأمه.
حاول الطفل، الذي قدرت إم أنه يبلغ من العمر عامين ونصف العام، مرة بعد أخرى الحديث مع أمه، ولكنها لم ترفع عينيها عن جهاز الـ«بلاكبيري».
وتروي إم ما حدث: «كان الطفل يقول: (ماما؟ ماما؟ ماما؟)، وبعد ذلك بدأ ينغزها في قدمها. وكانت ترد عليه: (انتظر، ثانية واحدة. انتظر، ثانية واحدة)»، وفي النهاية، شعر الطفل بالإحباط الشديد، لدرجة أنه «حاول أن يعضها في رجلها».
لقد انصب مقدار كبير من المخاوف ذات الصلة باستخدامات أجهزة التليفون الجوال وإرسال رسائل نصية وتبادل التحديثات من خلال موقع «تويتر» على الطريقة التي يستخدم بها الأطفال هذه التقنيات، وكيف يؤثر عليهم ذلك.
ولكن، أصبح استخدام الآباء التقنية ومدى تأثير ذلك على أطفالهم الصغار مبعث قلق لدى بعض الباحثين الذين يتابعون تطور الأطفال.
وقد عكفت شيري توركل، مديرة مبادرة التقنية والنفس بمعهد ماساتشوستس للتقنية على دراسة استخدام الآباء للتقنية وتأثير ذلك على الأطفال والبالغين صغار السن.
وبعد مرور 5 أعوام وعلى ضوء ما تبين من 300 مقابلة، وجدت الدكتورة توركل أن مشاعر الأذى والغيرة والمنافسة تنتشر على نطاق واسع.
وستنشر دار النشر «بازيك بوكس» النتائج التي خلصت إليها الدكتورة توركل في كتاب تحت عنوان «وحيدا معا» مطلع العام المقبل.
وفي دراساتها، قالت الدكتورة توركل إن «الأطفال أبدوا نفس مشاعر التأذي، ولم يكونوا راغبين في إظهار ذلك، عند استخدام الأمهات والآباء الأجهزة الخاصة بهم بدلا من إبداء الاهتمام بهم عند تناول الوجبات الغذائية وعند اصطحابهم بعد المدرسة أو مرافقتهم في الأنشطة الرياضية».
وتقول الدكتورة توركل إنها تعترف بالضغط الذي يشعر به البالغون ويجعلهم غير مرتاحين للعمل بصورة مستمرة، ولكنها تضيف أنها تعتقد أن هناك قوة أكبر تجبرهم على الاستمرار في مطالعة الإنترنت والتليفون الجوال.
وتقول: «يوجد شيء يستحوذ على الانتباه بدرجة كبيرة، وقد تحدثت مع أطفال حاولوا منع آباءهم من إرسال رسائل نصية أثناء القيادة، ولكنهم وجدوا مقاومة».
وتقول لورا سكوت واد، مديرة الأخلاقيات بمنظمة طبية وطنية في شيكاغو، إنه قبل 6 أشهر شعر ابنها لينكولن، الذي كان يبلغ من العمر حينها 3 أعوام ونصف العام، بالملل من وعدها بترك جهاز الكومبيوتر «خلال دقيقة واحدة أخرى» لدرجة أنه لجأ إلى الوسائل التي يستخدمها الآباء عادة.
وتقول: «يجعلني أضبط الوقت في جهاز الميكروويف، وعندما يدق الجرس، يقول (تعالي) ويقول (لا تحضري جهاز التليفون الخاص بك)».
وبالطبع لا يوجد اتفاق بين خبراء تطور الأطفال على أن استخدام أجهزة الكومبيوتر المحمول والتليفونات الذكية من جانب الآباء يعد شيئا سيئا.
ويجب على الآباء دوما توزيع اهتمامهم، ويشير الباحثون إلى أن هناك اختلافا بين الكم والنوع عندما يتعلق الأمر بالحوارات بين الآباء والأطفال.
ويقول فريدريك زيمرمان، أستاذ بكلية الصحة العامة داخل جامعة كاليفورنيا: «يتعلق الأمر بنوعية الحوار، ولا يكون الوقت المشتت جيدا سواء كان الآباء يطالعون الصحف أو أجهزة البلاكبيري».
ويدرس الدكتور زيمرمان كيف يشتت التلفزيون الآباء. ويشير أيضا إلى أن أجهزة التليفون الذكية وأجهزة الكومبيوتر المحمول ربما تمكن بعض الآباء من قضاء وقت أطول داخل المنزل، وهو ما قد يؤدي في المقابل إلى وقت جيد يقضيه الآباء مع الأبناء في المجمل.
ولا توجد أبحاث كثيرة عن مدى تأثير استخدام الآباء للتقنية على الأطفال، ولكن يقول خبراء إنه لا شك في أن الآباء الذين يتحدثون ويشرحون الأشياء لأطفالهم ويردون على تساؤلاتهم يمثلون عنصرا أساسيا في التعلم خلال مرحلة الطفولة المبكرة.
ويظهر كتاب بيتي هارت وتود ريزلي الشهير الذي صدر عام 1995 تحت عنوان «اختلافات هامفي الخبرة اليومية للأطفال الأميركيين الصغار» أن الآباء الذين يوفرون بيئة ثرية لغوية لأطفالهم يساعدوهم على تنمية مهاراتهم اللغوية وتعلم القراءة.
ويربط الكتاب بين استخدام اللغة داخل المنزل والوضع الاجتماعي والاقتصادي. وحسب ما ورد في الكتاب، يسمع الأطفال في المنازل ذات الوضع الاجتماعي والاقتصادي الأعلى متوسط 2,153 كلمة في الساعة، فيما يسمع الأطفال داخل أسر الطبقة العاملة 1251 كلمة فقط. ويسمع أطفال الآباء الذين يعيشون على مساعدات حكومية متوسط 616 كلمة في الساعة.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل تغير الأجهزة مثل التليفونات الذكية من ذلك؟ يميل مستخدمو التليفونات الذكية إلى الحصول على دخول أعلى، ويظهر بحث من شركة «نيلسون» أن احتمالية حصولهم على أكثر من 100,000 دولار في العام تزيد بمقدار مرتين بالمقارنة مع مشترك المحمول المتوسط.
وإذا تعدى استخدام التقنية الكبير على الوقت الذي تقضيه العائلات الثرية في التواصل مع أطفالها، يمكن أن يصبح البعض ضحايا نجاح حسبوا أنه سيساعدهم.
وتقول الدكتورة هارت، وهي حاليا أستاذ متفرغ في معهد لايف سبان بجامعة كنساس، إن هناك حاجة إلى المزيد من الأبحاث لاكتشاف ما إذا كان استخدام التليفونات الذكية وغيرها من التقنيات بصورة مستمرة يؤثر على العلاقة بين الآباء والأطفال.
ولكنها أعربت عن أملها في أن يدرس عدد أكبر من الآباء استخدامهم للأجهزة الإلكترونية وكيف يمكن أن يحد ذلك من قدرتهم على تلبية احتياجات أطفالهم.
وتقول الدكتورة هارت إن جزءا من السبب الذي يقف وراء امتلاك الأطفال داخل المنازل المترفة التي تناولتها بالدراسة مفردات لغوية أكبر عندما يصلون إلى الثالثة هو أن «الآباء يمسكون الأطفال بينما يقرأون الكتب».
وتضيف: «من المهم بالنسبة للآباء معرفة الوقت المناسب للحديث إلى الأطفال ونقل العواطف والكلمات. فعندما تتحدث إلى أحد، يحمل الكلام رسالة ضمنية مثل (أحبك) و(لا أحبك)».
وتقول ميريديث سينكلير، وهي أم ومدونة في ويلميت بولاية إلينوي، إنها لم تكن تعرف إلى أي مدى يضايق ما تصفه بـ«إدمان البريد الإلكتروني والمواقع الإلكترونية الإعلامية» أطفالها حتى حظرت استخدام البريد الإلكتروني والإنترنت بين الساعة الرابعة والثامنة مساء، وكان أطفالهم فرحين بذلك.
وتشير سينكلير إلى أنه عندما أخبرتهم بذلك، بدا الفرح الشديد على ابنها ماكسويل (12 عاما). وتؤكد: «في الواقع، لا يمكنك القيام بالشيئين معا».