هل أدرك المجتمع قيمة المرأة بعد أم لا ، هل أدرك أن ظلم المرأة لا يمت للشرع من قريب أو بعيد ؟؟
و أنه مهما حاول الغرب إلصاق هذه التهمة به فانه سيظل مكشوفاً و ألعابه الدنيئة التي لا تمر على الإنسان الواعي لجعل المرأة حصان طروادة جديد يدخل من أجل إنقاذ هيلين الفاسقة إلى الشرق ليعيث فيه فساداً ويسيطر عليه من جديد و لكن هذه المرة من مكان أقل ما يقال فيه انه أصل الحياة ، التربة الطاهرة التي تمنح الحياة و التي تنبت فيها بذورنا المستقبلية !!!
ولدت في أسرة لا تحتوي سوى على الذكور و لم يكن هناك أمنية لوالدتي سوى أن ترزق بفتاة لأنها و حسب قولها إن بيتنا كان جافاً و يحتاج إلى لمسة حانية تطفي عليه الدفء و السرور و لم أكن أعترف بهذا الكلام كون والدتي كانت تملأ علينا حياتنا كلها و لكن بعد أن أتى أمر الله - و ليس منه من مهرب - ودعتنا و والدتي رحمها الله و تركت فراغاً يكاد يشبه السديم الهائل في الفضاء اللامتناهي و بدأت عندها أحس بكلامها رحمها الله إن ذلك المخلوق الذي يطفي البسمة و السرور هو امرأة. و من طرائف الأمور قدر لي الله أن أعمل مدرساً في مدرسة للبنات ، كنت من قبل لا أعترف أن الأنثى مظلومة أو مهضومة الحقوق فالأمثلة التي كانت من حولي كانت كلها ايجابية بشكل أو بأخر فالمشاكل التي كانت تحدث بين أقربائي ( الأزواج و الزوجات و أولادهم ) لا تتعدى تلك التي تحدث بين جميع الأشخاص و مردها الاختلاف الناشئ بين جنسين مختلفين و سرعان ما تهداً أي زوبعة كما في فنجان بالوصول سريعاً إلى حل وسط يتماشى مع احتياجات الجميع واعتراف الكل بمسؤولياته و واجباته .
أما و أنني دخلت عالماً جديداً - و إن كان غير ناضج بعد - عالماً مليئاً بالقهر حيناً و بالظلم حيناً أخر أقر بأن كل من يحاول أن يظلم أو يفرق بين زهرة من زهرات بستان منحه إياه الله فهو لا يستحق الأبوة أو الأمومة التي هي رزق كبير من الله لمن لا يعرف قيمتها و قد سمعت حديثاً صحيحاً عن رسول الله صلى الله عليه و سلم مفاده أن الذي يفرق بين ابنته و ابنه لا يشم ريح الجنة .... هل سمعتم لا يشم ريح الجنة ، لقد صدمت حقاً بالتضييق عليهن في الدراسة و الرغبة في إقصائهن باكراً من التعليم ، و لا ادري أي مجتمع سينهض بأمهات جاهلات لا يزرعن حب العلم في أبنائهم ؟؟لولا فضل الله و عزم الدولة على جعل المرحلة الإعدادية إلزامية . و لا أدري من أين أتى مصطلح أن الدراسة ليست للبنات ، فقد علمت أن طلب العلم فريضة على كل مسلم و مسلمة و بكل أنواعه التي تفيد المجتمع ، و لا أعرف ما هو الشيء العظيم الذي يمنع البنات أن يتكلمن في أمور في المدرسة لا يستطعن البوح بها في البيت ، هل في هذا أي من أنواع المحافظة على التواصل بين المرء و أولاده و التي سرعان ما ستجد الأم أو الأب أنهما كانا في مكان قصي بعيد عما يدور في مخيلة أو وجدان ابنتهم فيقع ما لا تحمد عقباه .
بت احمد الله على والداي فقد كنت و إن أخطأت أسرع الخطى إليهما مفشياً لهما ما فعلت و بدون أي تحفظ لعلمي أنهما حضن كبير قادر على التعامل مع كل أخطاء ابنهما الطائش و طبعاً لم أكن أنجو من التقريع أو من الضرب أحياناً أخرى حسب قدر الخطأ ، و أسألكم بالله أخوتي أن تكونوا قرب أبنائكم و أن لا تدعوا لقوس الطيش عندهم من منزع ...... لقد حاولت تقليد الأخت رغداء زيدان التي كتبت عما يكتب لها طلابها و ان كان التجاوب ضعيفاً الا أنني أعدت ذات الكرة و نجحت بإقامة مسابقة حول قيمة المرأة في المجتمع و كان تقبل الطاقم الإداري مشجعاً جداً في مدرستي و انتقيت ثلاثة عينات من بين المتقدمات الفائزات و إليكم ما كتبت إحداهن :
لمن تنحني الرؤوس إجلالاً و إكباراً ...لمن تخشع العيون إعجاباً و تعظيماً .... إنها للمرأة .. نعم للمرأة و قد قيل فيها أيضاً :
المرأة ..... نسمة الربيع الصافية ...... أنشودة البلابل الباكية .....أمل تائه في بادية ......دموع المرأة ..... كمثل السيل جارية ......
قصيدة شعر عن حياة باقية ....... شجرة معطاء في ظل الحنان غافية ....... حنان المرأة عن العيون خافية ..... الحب طفل المرأة المدلل ...
عقد على صدر مكلل ..... بدين محمد و أصحابه محلل ..... والي الأمور و الملك المبجل ..... الأم .... عطاء و العطاء خير و الخير عز و العز بقاء و لا بقاء دون المرأة .
لكن الشيء الذي يدعو للأسف هو أن نصيب المرأة في النجاحات الهائلة التي تحققت عبر التاريخ قليل جداً و الأسماء النسائية قليلة أيضاً جداً ، إذا ما قورنت بأسماء الرجال من مخترعين و مكتشفين و مبدعين كثر لا تعد و لا تحصى و هنا يحضرني اسم أول أنثى انطلقت للفضاء و هي ( رائدة الفضاء فالنتينا تيريشكوفا ) و لا يمكن أن ننسى أن المرأة هي أول ما اكتشف الزراعة .
لكن المجتمع ألزم المرأة أن تكون مسئولة أولاً و أخيراً عن شرف العائلة و أولادها و زوجها حتى لو تعلمت و تثقفت و احتلت مناصب اجتماعية و أدبية و علمية رفيعة فهي بنظرهم و قبل كل شيء امرأة و أنثى و ضلع قاصر مثلما يقول الرجل ( و الذي ساندته كل الأطر و التوجيهات الاجتماعية و العادات و التقاليد في ظلم المرأة و جعلت منه قيماً يحكم وثاقه و يضغط عليها دون أي مبرر أحياناً ) و ليس هذا و حسب بل إنه ينسب كل نجاح تحققه المرأة إلى نفسه مدعياً بذلك بأنه متحرر أكثر من غيره . أما المرأة و رغم كل ذلك فإنها لا تزال تواصل العمل في كثير من الميادين . إلا أنها تدفع الكثير من شبابها و أعصابها و قناعاتها مقابل أن تحقق بعض ما تصبو إليه و تتمناه و تطلب المساواة مع الرجل منذ سنين و هي لم تحصل عليها بعد ،( فالمساواة هي أن يتساوى الرجل مع المرأة في الحقوق أما المساواة التي يتصورها البعض بأنها قد تحققت فليست مساواة حقيقية ، ماذا يعني أن تعمل المرأة نفس عدد الساعات التي يعملها الرجل ، و من ثم تعود للمنزل و تبدأ القيام بكل أعمال المنزل و هي ملزمة بتدريس الأطفال و السهر على سلامتهم و متابعة مستواهم التعليمي ، و لكن من حق الرجل أن يعترض ويرفض و أن يرفع صوته و ما على المرأة إلا أن تلتزم الصمت و الهدوء حين يكون نائماً أو جالساً أو يتابع التلفاز .
ماذا تسمى كل هذه الممارسات بحق المرأة و هي تتحاشى الصدام و الخلاف ؟ ماذا حمل العمل للمرأة سوى المزيد من المتاعب و الهموم ...نعم إن الحرية الاقتصادية لم تحقق لها الحرية الاجتماعية .
فلماذا يتطلب من المرأة أن تدفع ضريبة نجاحها و ثمن تحقيق ذاتها كإنسانة مثلها مثل الرجل ، و ضمن تلك الخطوط العريضة يجب علينا أن نتذكر دوماً أنه علينا تحرير المرأة من القيود النفسية المضربة حولها لأنها ليست فقط نصف المجتمع بل و باني النصف الأخر.
إنها الأم ، نعم المرأة التي تهز السرير بيسارها هي التي تبني العالم بيمينها و تزرع حب الوطن فتحث فلذات كبدها على الاستشهاد في سبيله و رفعته و بناءه .
يكفيك فخرا أيتها الأم أن البشرية ستبقى أبد الدهر تعترف بأفضالك و عطائك الدائم و يكفيك فخراً أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ((أن الجنة تحت أقدام الأمهات))